وذهب بعض أهل العلم إِلَى عدم ذلك، ولم يثبت في ذلك حديث صريح ولا قولٌ لأحد من الصحابة أو علماء الأمة المتقدمين، وإنما هذا اختلاف من العلماء، كـالقاضي عياض وأبي طالب المكي والقرطبي والغزالي والسيوطي والحافظ ابن حجر وأمثالهم رحمهم الله.
والعلماء الذين يرون أن الحوض بعد الصراط يقولون: إنه قد ثبت في الأحاديث أن الحوض يشخب فيه ميزابان من نهر الكوثر الذي في الجنة، فمعنى ذلك أن النَّاس بعد أن يجتازوا الصراط يقفون في أرض دون الجنة يشخب فيها هذان الميزابان، فالنهر الذي في الجنة هو الكوثر، والميزابان يصبان منه في أرض المحشر في الحوض، ويكون النَّاس قد اجتازوا الصراط ولكنهم لم يدخلوا الجنة بعد، وإنما بعد ما نالهم من النصب والتعب في الموقف وفي الحساب، وأثناء الأهوال العظيمة التي تقع لهم، واجتياز الصراط، فإنهم حينئذ يشربون ثُمَّ يدخلون الجنة ولم ينظروا إِلَى مصير الذين يذادون أول الأمر، بل يقولون: يقتضي الأمر أن تكون أرض الحوض قريبة من الجنة فيصب الميزابان من الكوثر الذي في الجنة إِلَى أرض الحوض، وهذا يقتضي أن الحوض بعد الصراط.